مباحثات واشنطن بشأن سد النهضة.. لماذا قاطعتها إثيوبيا؟

Ethiopia's Grand Renaissance Dam is seen as it undergoes construction work on the river Nile in Guba Woreda, Benishangul Gumuz Region, Ethiopia September 26, 2019. Picture taken September 26, 2019. REUTERS/Tiksa Negeri
جانب من سد النهضة قيد الإنشاء (رويترز)

محمد المنشاوي-واشنطن

مثل إعلان إثيوبيا انسحابها من المشاركة في اجتماعات التفاوض المتعلقة بسد النهضة -والتي كان مقررا أن تستضيفها العاصمة الأميركية واشنطن يومي 27 و28 من الشهر الجاري- مفاجأة كبيرة بين المتابعين الأميركيين لهذه القضية.

وقال الخبير في الشؤون الأفريقية بالمجلس الأطلسي كاميرون هادسون للجزيرة نت "لم تستثمر واشنطن في أي قضية أفريقية كما استثمرت في مباحثات سد النهضة".

وكان بيان رسمي إثيوبي صدر فجر اليوم جاء فيه أن "فريق التفاوض الإثيوبي لن يشارك في الاجتماع، لأنه لم يكمل بعد التشاور مع أصحاب المصلحة داخل البلاد"، ولم يتطرق إلى أي تفاصيل أخرى.

وشهدت المفاوضات -التي تستضيفها وزارة الخزانة الأميركية وتشارك فيها أطراف النزاع الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا، إضافة إلى البنك الدولي، والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- قضايا خلافية كبيرة.

ومن أهم نقاط الاختلاف ما يتعلق بحصص المياه المتوقع أن تحصل عليها مصر والسودان بعد بدء تشغيل السد، ويرتبط ذلك بعدد سنوات ملء خزانات السد.

وترتبط القضية الخلافية الثانية بطبيعة آلية التنسيق والإشراف على إدارة السد بعد الانتهاء من بنائه.

وكان السودان أعلن قبل أيام استلام الدول الثلاث مسودة الاتفاق التي أعدتها الولايات المتحدة بمشاركة البنك الدولي تمهيدا للتوقيع عليها نهاية الشهر الجاري.

من ناحيته، اعتبر الناشط الأميركي من أصل إثيوبي زيميدنه نيجاتو في تغريده له أنه "رغم الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي فقد رفض التوقيع على اتفاقية بشأن سد النهضة لا تخدم مصالح إثيوبيا، علينا تذكير الأميركيين بأن هناك 112 مليون إثيوبي يتطلعون لحياة أفضل، ودفعوا جميعا لبناء السد على النهر الذي ينبع من بلادهم".

بين الإحباط والتفهم
وأضافت زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لأديس أبابا قبل أيام المزيد من الغموض بشأن طبيعة ورسائل القرار الإثيوبي.

وأكد كاميرون هادسون للجزيرة نت أن هناك "شعورا بالمفاجأة والإحباط داخل واشنطن بسبب الاعتذار الإثيوبي عن المشاركة، ولا يمكن تصور أنه وبعد ثلاث جولات رفيعة المستوى من المفاوضات، وبعد زيارة وزير الخارجية بومبيو لإثيوبيا، وبعد كل هذه الجهود الدبلوماسية خلال الفترة الأشهر الأخيرة أن نصل لهذه النتيجة".

وذكر هادسون للجزيرة نت أن "لديه شكوكا بشأن عدم توقع الجانب الإثيوبي لطبيعة وثقل دور واشنطن والبنك الدولي، تصورت أديس أبابا أن دورهما هامشي في وقت كانا يدفعان في اتجاه اتفاق نهائي ملزم لا يخدم بالضرورة المصالح الإثيوبية على المدى الطويل".

في حين أشارت الخبيرة بمعهد ويلسون في واشنطن مارينا أوتواي إلى أن المقترح الأميركي الأخير لم يتم نشره بعد. 

وأضافت في حديث لها مع الجزيرة نت "في ضوء من نعرفه حتى الآن ترى إثيوبيا أن مصر تحاول أن تفرض عليها ما لا يمكن لها أن تقبله بخصوص فترة ملء خزان السد، وهو ما يترتب عليه بطء عملية إنتاج الكهرباء التي تحتاجها إثيوبيا بشدة، وترتبط بذلك خسارة مالية كبيرة أيضا".

وأشارت مارينا إلى أن "قبول إثيوبيا الضغوط المصرية من شأنه أن تكون له تبعات سياسية خطيرة في الداخل الإثيوبي"، مؤكدة أن إثيوبيا تؤمن بأن "موقف ووساطة واشنطن منحازان للجانب المصري".

وأرجعت خلافات الدولتين بالأساس إلى "عدم اتخاذ القاهرة أي إجراءات من شأنها زيادة استعدادها لنقص كميات المياه المؤكد وصولها لمصر، سواء نتيجة تبعات التغيرات المناخية أو الزيادة السكانية المستمرة أو بسبب بناء السد".

وختمت مارينا حديثها للجزيرة نت بالتأكيد على أنه بعيدا عن مصير الاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة فإن "على مصر أن تبدأ في إصلاح سياساتها المائية، وهذا لم يبدأ بعد".

المصدر : الجزيرة