اعتبروه قمعا لحرية الصحافة.. قانون الأمن الشامل يجمع المتظاهرين تحت الثلوج في فرنسا تنديدا بعنف الشرطة

اللافتة تقول: لنتماسك ونتحد حتى نحقق النصر النهائي (الجزيرة)

بعد شهرين على انطلاق المظاهرة الأولى ضد قانون "الأمن الشامل" تجددت المظاهرات اليوم السبت بشكل أكثر زخما وشدة في أغلب المدن الفرنسية، ووعد المحتجون والناشطون بمواصلة عملهم حتى إسقاط القانون.

وعمت المظاهرات في مدن عدة، منها باريس وليون وستراسبورغ ومرسيليا وبوردو وتولوز ونيم وروان ونانت وشاتورو.

وفي العاصمة، رغم تساقط الثلوج، استجاب آلاف المتظاهرين لنداء تنسيقية الجمعيات الحقوقية التي ضمت حوالي 60 نقابة عمالية ومنظمات حقوقية وجمعيات واتحادات الصحفيين ومنتجين ومخرجين وأصحاب "السترات الصفراء" وجمعيات "ضحايا عنف الشرطة" واجتمعوا في ساحة فيلكس إيبويه، ورددوا شعارات تدعو للحرية وتندد بعنف الشرطة وتطالب بسحب قانون "الأمن الشامل" وخاصة مادته رقم 24.

تساقط الثلوج لم يمنع المظاهرات من الاستمرار (الجزيرة)

احتجاجات متواصلة
ومنذ خروجه للنور في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لقي مشروع قانون "الأمن الشامل" تنديدا واسعا من قبل جمعيات المهن الصحفية والمنظمات الحقوقية، مما أحدث فوضى وصدامات واحتجاجات كبيرة في الشارع الفرنسي، مثلما يؤكد الحقوقيون.

لذلك انتقدته الرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومجلس أوروبا لحقوق الإنسان، فضلا عن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باتشيليت التي دعت في وقت سابق، وفق ما نقلته تقارير إعلامية، لسحب هذا القانون، وسحب مادته رقم 24 لما تمثله من خطر على العمل الصحفي وعلى حرية التعبير.

ويؤكد الملاحظون هذا التوصيف للمادة 24 التي تقيد حرية التصوير والنشر حيث تفرض عقوبة السجن عاما وغرامة مالية قدرها 45 ألف يورو على كل من ينشر صور "وجه أو أي علامة تعريفية" لشرطي أو دركي أثناء أداء وظيفته، من أجل "إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي به". وهو نفس التوصيف التي أكدته نقابة الصحفيين الفرنسيين في بلاغها الصحفي الصادر قبل يومين والمنادي بمواصلة مسيرة الاحتجاجات حماية للحرية التي هي في خطر، وفق تعبير البلاغ.

وأكد البلاغ الصحفي أن "المادة 24 من قانون الأمن الشامل لا تهدف إلى حماية ضباط الشرطة، بل تهدف إلى حماية عنف الشرطة".

وأضاف أيضا "تصعيد الحكومة الأمني ​​لا ينتهي عند هذا الحد. لأن أحكام القانون الأخرى تهدف إلى السماح للدولة والشرطة بزيادة السيطرة على السكان "المادة 21 و22" من خلال أدوات المراقبة العشوائية "الطائرات بدون طيار وكاميرات المشاة" والتي يمكن استخدامها في المظاهرات أو أثناء عمليات التحقق من الهوية.

لافتة تنادي بسحب قانون "الأمن الشامل" (الجزيرة)

آراء المتظاهرين
في ساحة فيليكس إيبويه، قالت أستاذة التعليم الثانوي كريستين للجزيرة نت "رداءة الطقس والثلوج لن تمنعنا من التظاهر والاحتجاج على قانون الأمن الشامل الذي يريد سلبنا حرياتنا وحرماننا من الصور التي توثق انتهاكات الشرطة".

وأضافت "أنا هنا ليس من أجلي فقط ولكن من أجل أبنائي والأجيال القادمة التي يجب أن تتوفر لها ظروف تعليمية ومعيشية أفضل من هذه التي تحاول حكومة إيمانويل ماكرون أن تحاصرنا فيها".

وأما الناشط ديدييه فشدد على أنه يتظاهر لأن قانون "الأمن الشامل" والحجر الصحي وحظر التجول جعلوه يفقد وظيفته ويصبح عاطلا بعد أن كان يعمل بقطاع الإنتاج السينمائي.

وأكد أيضا أن حق الصورة دستوري للمواطن، ولا تستطيع الدولة بمثل هذه القوانين "الجائرة" أن تحجب الصورة الحقيقية لتجاوزات قواتها الأمنية، كما لا تستطيع أن تمنع الصحفيين والسينمائيين من القيام بعملهم وتصوير الواقع كما هو دون أي تحريف.

وأضاف ديدييه "نحن في عصر الصورة، والدولة تعرف دورها وخطورتها، لذلك هي حريصة على الدفع بهذا القانون، ولكن هيهات نحن بالمرصاد لمثل هذه القوانين والمحاولات، وسنكمل احتجاجاتنا حتى يسحب هذا القانون كليا".

من على نافورة الساحة: أمن شامل يعني الهروب التام من العقاب (الجزيرة)

اعتراض النقابات
وأما الأمينة العامة للاتحاد النقابي للصحفيين حكيمة بن عمور فقالت للجزيرة نت إن قانون "الأمن الشامل" والمادة 24 منه خاصة، لا يشكل فقط تهديدا للمهنة الصحفية ولحرية التعبير في فرنسا وإنما يشكل أيضا تهديدا لحق المواطن العادي في المعلومة الصحيحة والصورة الحقيقية الآنية.

وشددت على أن الخطر الحقيقي هو أن هذا القانون يخنق العمل الصحفي ويمكّن السلطات والشرطة من منع الصحفي من القيام بعمله وتوقيفه والاحتفاظ به مع آلات تصويره، وبالتالي لا يستطيع القيام بعمله والتصوير بطريقة مباشرة في الميدان.

وأضافت بن عمور أن الاتحاد النقابي للصحفيين قام، مع مجموعة من النقابات الأخرى في وقت سابق، بإحصاء أكثر من 200 صحفي، خلال السنتين الماضيتين، تعرضوا لعنف الشرطة ومنعوا من القيام بعملهم من قبل قوات الشرطة، وقد قدمت الكثير من الشكاوى في هذا الصدد للمجلس الأوروبي لحقوق الإنسان.

وأكدت أن مهنة الصحافة تزداد صعوبة يوما بعد يوم في فرنسا، لأن هذا القانون ليس هو الأول ولا الأخير في منظومة التضييق على الصحفيين، حيث تعيش المهنة منذ سنوات نوعا من المحاصرة والكثير من الاعتداءات والتجاوزات.

وأضافت الأمينة العامة للاتحاد النقابي أن الصحفيين الفرنسيين يشعرون أن الدولة والحكومات المتعاقبة تستهدفهم، وتستهدف حرية التعبير بصفة عامة.

وتابعت "لأن فرنسا بلد حقوق الإنسان فأي مساس بهذه الحرية عبر مثل هذه القوانين الجائرة يعتبر مرفوضا ويشكل صدمة لنا. ولكننا سنبقى في الساحات وسنواصل النضال والمظاهرات والاحتجاجات حتى يلغى هذا القانون كليا".

وختمت بن عمور تصريحها قائلة إن مهمة الصحفي الحقيقية نقل الخبر كما هو ونقل الصورة كما هي، ولكن الدولة تريد تزيين هذه الصورة وحجبها عبر القانون الذي غايته الوحيدة منع توثيق جرائم قوات الشرطة التي يمكن أن نعدد الكثير منها، مثل حادثة المواطن سيدريك شوفيا والمنتج الموسيقي ميشيل زيكلر وأداما تراوري، والتي ما كانت لتظهر لولا الصور والفيديوهات.

المصدر : الجزيرة