لماذا يشترك 1.2 مليار شخص في 100 اسم عائلة فقط في الصين؟

BEIJING, CHINA - JANUARY 30: Passengers wear protective masks as they walk he their luggagein the arrivals area at Beijing Capital Airport on January 30, 2020 in Beijing, China. The number of cases of a deadly new coronavirus rose to over 7000 in mainland China Thursday as the country continued to lock down the city of Wuhan in an effort to contain the spread of the pneumonia-like disease which medicals experts have confirmed can be passed from human to human. In an unprecedented move, Chinese authorities put travel restrictions on the city which is the epicentre of the virus and neighbouring municipalities affecting tens of millions of people. The number of those who have died from the virus in China climbed to over 170 on Thursday, mostly in Hubei province, and cases have been reported in other countries including the United States, Canada, Australia, Japan, South Korea, and France. The World Health Organization has warned all governments to be on alert, and its emergency committee is to meet later on Thursday to decide whether to declare a global health emergency. (Photo by Kevin Frayer/Getty Images)
الصينيون يقومون أحيانا بتغيير أسمائهم حتى تتوافق مع أنظمة الحاسوب الحالية (غيتي)

مع أن الصين لديها أكبر عدد من السكان (1.37 مليار نسمة)، لكن أسماء العائلة لدى هذا العدد الكبير من السكان يمثل أصغر مجموعات الأسماء مقارنة بكل دول العالم.

ورد ذلك في تقرير نشره موقع "سي إن إن" (CNN)، قال فيه إذا أوقفت شخصا بالشارع في الصين عشوائيا، فهناك فرصة جيدة جدا لأن يكون اسم عائلته إما "وانغ" أو "لي" أو"زانغ" أو"ليو" أو"شين".

ذلك لأن هذه هي أكثر 5 ألقاب شيوعا في الصين -يشترك فيها أكثر من 433 مليون شخص، أو 30% من السكان، وفقا للأرقام الحكومية.

ووفقا لوزارة الأمن العام، هناك حوالي 6 آلاف اسم عائلة فقط قيد الاستخدام. والغالبية العظمى من السكان -حوالي 86%- يتشاركون 100 اسم فقط من تلك الأسماء.

وبالمقارنة، نجد أن بأميركا، التي تضم أقل من ربع سكان الصين، هناك حوالي 6.3 ملايين اسم عائلة في 2010.

من الأسباب وراء ذلك التكنولوجيا، فقد غيّرت الثورة الرقمية في الصين الحياة اليومية، ويعتمد العديد من هذه الأنظمة على قائمة محدودة من الأحرف الصينية الموحدة.

وهذا يعني أن الأشخاص الذين لديهم أحرف نادرة في أسمائهم، والتي لا تتوافق مع أنظمة الحاسوب الحالية، يمكن أن يتخلفوا عن الركب مما يدفع كثيرين لتغيير أسمائهم، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن قرون من التراث واللغة.

كيف انقرضت بعض أسماء العائلات؟

لم يكن الأمر كذلك دائما، فعلى مدار تاريخها الطويل، سجلت الصين أكثر من 20 ألف اسم عائلة، ويضع بعض الباحثين هذا التقدير بحدود 23 ألف اسم.

وقالت وزارة الأمن العام في استطلاعها السنوي لعام 2019 على مستوى البلاد حول أسماء العائلات، "لقد تم تناقل ثقافة هذه الأسماء في بلادنا منذ آلاف السنين، وكان لها تأثير عميق وواسع، وعلى مر التاريخ، تطورت الأسماء وتميزت، وشكلت أكثر من 6 آلاف اسم عائلة مستخدمة اليوم".

في تاريخ الصين فإن أسماء العائلات غالبا ما كانت في حالة تغير مستمر، وهو سبب جزئي لاختفاء كثير منها منذ ذلك الحين.

وفي بعض الأحيان، كان الحكام والعشائر القديمة يتبنون أسماء دولتهم أو إقطاعياتهم؛ ويتم منح الآخرين أسماء ملكية جديدة من قبل الأباطرة.

ويقوم الصينيون أحيانا بتغيير أسمائهم للسهولة أيضا، على سبيل المثال، تبسيط الأحرف المعقدة من خلال اعتماد أحرف متشابهة مع عدد أقل من الضربات. وفي أحيان أخرى يفعلون ذلك بسبب الخرافات، متخلين عن اسم يعتقد أنه يسبب سوء الحظ.

عقبات في العصر الرقمي

الأسماء النادرة أو غير الشائعة في الصين اختفت منذ قرون، لكنها تواجه أزمة متسارعة في الصين الحديثة.

لسنوات عديدة، كان بإمكان الأشخاص الذين لديهم أحرف نادرة في أسمائهم أن يستعملوها، حيث كانت المستندات والرسائل مكتوبة بخط اليد إلى حد كبير، لكن أصبح من شبه المستحيل استخدام هذه الأسماء في شكل مكتوب مع ظهور التكنولوجيا الرقمية، ونظام الهوية الوطنية الرقمية الجديد.

والمشكلة الرئيسية هي أنه لم يتم ترميز جميع الأحرف الصينية في أنظمة الحاسوب، ففي عام 2017، كان هناك حوالي 32 ألف حرف مشفر في قاعدة بيانات الأحرف الصينية، تاركة عشرات الآلاف من الأحرف.

ومع دخول الصين العصر الرقمي، انتقل كل شيء تقريبا عبر الإنترنت، من تحديد المواعيد إلى شراء تذاكر القطار. وهذا يعني وجود عالم مليء بالمشاكل إذا صادف أن لديك أحرفا نادرة في اسمك قد لا يكون موجودا في قاعدة البيانات. واعتبارا من عام 2017، واجه ما يصل إلى 60 مليون مواطن صيني هذا المأزق.

توحيد اللغة

هناك عامل آخر يؤدي إلى تفاقم شيوع الأسماء الصينية وهو جهود الحكومة لتوحيد اللغة وتنظيمها.

ففي الصين هناك كثير من اللهجات المختلفة في اللغة الصينية "الماندرين" بين المقاطعات، ويختلف بعضها اختلافا كبيرا بحيث لا يمكن أن يفهم المتحدثون بعضهم بعضا، ولذلك أعلنت الحكومة الصينية في عام 2000 أن الماندرين القياسية، التي يتحدثها سكان بكين، اللغة الرسمية الوطنية المنطوقة والمكتوبة.

ومع ذلك، لم تكن لغة الماندرين المكتوبة موحدة بشكل واضح في ذلك الوقت، مع وجود اختلافات بسبب عوامل مثل المنطقة الجغرافية والسكان، لذلك، شرعت الهيئات الحكومية والخبراء في تجميع قائمة بالأحرف التي يمكنهم الاتفاق عليها واستخدامها بشكل جماعي في المستقبل.

وكانت النتيجة هي جدول الأحرف الصينية القياسي العام، الذي نُشر في عام 2013 وأشاد به مجلس الدولة باعتباره "نقطة انطلاق جديدة" للصينية الموحدة.

ويتكون هذا الجدول من أكثر من 8 آلاف حرف، وهو مجرد جزء بسيط من إجمالي عدد الأحرف الصينية الموجودة. ومع ذلك، تم تنفيذ هذه القائمة المنظمة من الأحرف المشتركة بجميع مناحي الحياة بالصين من التعليم والصحافة والنشر ومعالجة المعلومات وخطوط الحاسوب والكتب المرجعية الصينية وغيرها.

وهذا يعني أيضا مجموعة أصغر من الأسماء التي تم تشجيع الناس على الاختيار من بينها.

مزيد من المشاكل

وبعد إصدار الجدول في عام 2013، أمرت وزارة الأمن العام إدارات الشرطة المحلية "بقصر الأسماء الجديدة والتغييرات في نظام إدارة المعلومات السكانية على جدول الأحرف الصينية القياسية العامة"، ووصفت ذلك بأنه حل فعال لمشكلة حساب الأحرف النادرة في الأسماء.

لكن تبين لاحقا أن هذا الإعلان سابق لأوانه، فقد واجه الأشخاص مشكلات بعد فترة طويلة من إصدار الجدول. وكانت إحدى المشكلات هي قاعدة بيانات الحروف المحدودة في أنظمة الحاسوب (الكمبيوتر) عبر المؤسسات والوكالات الحكومية، مما أجبر عددا من الناس على تغيير أسمائهم.

وفي محاولة لمعالجة هذا الأمر، قام الخبراء بزيادة قاعدة البيانات من 32 ألف حرف إلى 70 ألفا، وما زالوا يعملون على توسيعها لتشمل أكثر من 90 ألف حرف.

المصدر : سي إن إن